خارجية الحدود في مدينة مليلية: من الأشكال الأولية إلى الأشكال المعقَّدة
الكلمات المفتاحية:
سوسيولوجيا الحدود، الحدود السياسية، مدينة مليليةالملخص
يُقدِّمُ هذا المقال دراسةً سُوسيولوجيةً حول تَأثيرِ مؤسسة الحدود أو الحدودِ السِّياسيةِ على الحياةِ الاجتماعيةِ؛ وذلك باقتراحِ مثالٍ توضيحيٍّ يَتَعلَّقُ بالحدود في مدينة مليلية. فمن خلال هذه الدراسة، يَبْتَغي المقال تَسليطَ الضَّوءِ على موضوعِ ورهاناتِ علم اجتماع الحدود الذي يعدُّ بمثابةِ تَخصُّصٍ فرعيٍّ حديثٍ يَنْتَظرهُ مُستقبلٌ واعدٌ؛ لاسيّما أنَّه لَا يُطْلِقُ حُكمَ القيمةِ علىٰ الحدود (مثل: كيف يَجبُ أن تكون الحدود؟ وكيف يَجبُ أن تَشْتغلَ؟ أو تأكيداتٍ: هل يَنْبَغي إِغلاقُ أم فَتحُ الحدودِ؟) بقدر ما يُطْلِقُ حُكمَ الواقعةِ علىٰ الحدود (مثل: كيف هي الحدود في الواقع؟ وكيف تَشْتَغل؟ وكيف تُؤثِّر علىٰ الحياة الاجتماعيَّة؟). بذلك، فإنَّ مُساهمةَ علم اجتماع الحدود تَكْمُنُ في دراسة مُؤسَّسَة الحدود ونشأتها وطريقةِ اشتغالها وطبيعةِ علاقتها بالحياةِ الاجتماعيةِ. ندافع من خلال المقال عن أُطروحةٍ مفادها أنَّ الحدودَ السِّياسيةَ تُؤثِّرِ على الاجتماعيِّ؛ حيْثُ يُحاجج بأنَّ الحدود السِّياسيةَ ليست أداةً مُحايدةً تجاهَ الحياةِ الاجتماعيةِ. بذلك، فإنَّه يَدخلُ -من مَنْظُورِ علم اجتماع الحدود- في نقاشٍ ضمنيٍّ مع تَصوُّراتِ العلومِ الاجتماعيةِ الأُخرى التي تُقدِّم الحدود إمَّا على أنَّها مُجرَّدُ أداةٍ تُحدِّدُ مجالَ سيادةِ دولةٍ ما بالمقارنةِ مع دولةٍ أُخرى (منظُور علم السياسة)؛ أو تَعملُ علىٰ تَقسيمِ المجالِ الجغرافيِّ فحسب (منظور الجغرافية الكلاسيكية)؛ أو تُحدِّد مجالَ تَطبيقِ القَواعدِ القانونيَّةِ الخاصةِ بدولةٍ مُعينةٍ (المنظور القانوني). من خلال تسليط الضوء على البُعدِ الاجتماعيِّ للحدودِ، فإنَّ هذا الدراسة تُقدِّمُ الحدودَ السياسيةَ بوصفها أداةً تُخوِّلِ «الاحتكار المشروع للتنقُّلِ» على طريقة «احتكار وسائلِ الإنتاج» و«الاحتكار المشروعِ للعنفِ». ذلك بأنَّ الحدود لا تَضْطلعُ بوظيفةِ تَصنيفِ الفئاتِ الاجتماعيَّةِ إلىٰ فئاتٍ مُرغوبٍ وأخرى غير مرغوبٍ فيها فحسب، ولكنها تَلعبُ أيضًا وظيفةَ المؤسَّسَةِ التي تُثَبِّتُ الأفرادَ في أماكنهم؛ بل وبوظيفة مُراقبة الأَفرادِ وأفعالهم وتصنيفها إلى سلوكياتٍ «عاديةٍ» وأخرى «غير عاديةٍ»